في اريتريا شبان محبطون بسبب الخدمة العسكرية لفترات طويلة

أسمرة (رويترز) – أطلت مجموعة من الملائكة ذات يوم من السماء لتمسح بنظرها الجبال والوديان والبحار وكل ما هنالك.

فجأة توقف أحدهم وقال “لماذا اريتريا شديدة الخضرة هكذا.. لقد خلقها الله جافة وصفراء.. فرد عليه اخر قائلا “انه الزي الخاص بالجيش.”

انها مزحة يتناقلها الناس بشأن الخدمة الوطنية الاجبارية في اريتريا تلك الدولة المطلة على البحر الاحمر والتي تبقي على ما يقدر بواحد من بين كل 15 شخصا في الجندية عادة لعدة سنوات تتجاوز المدة الالزامية للخدمة التي تتراوح بين 12 و18 شهرا.

وتفخر احدى أحدث وأصغر دول افريقيا بواحد من اكبر جيوش القارة في منطقة تفضي فيها حرب في الصومال ونزاع حدودي بين اريتريا نفسها واثيوبيا الى زعزعة الاستقرار.

ويقول البنك الدولي ان 320 الف اريتري على الاقل يخدمون في الجيش من جملة السكان البالغ عددهم 4.7 مليون نسمة.

وذكر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن أسمرة لديها اضخم قوات مسلحة في افريقيا جنوب الصحراء اذ تفوق عدوتها اللدودة اثيوبيا بقوات قوامها 138 الف فرد.

تقول الحكومة في تلك البلاد التي تخضع لحكم مشدد ان هناك حاجة الى جيش كبير بسبب التوتر مع اثيوبيا. وتضيف أن القوات تعمل ايضا في مشاريع تنموية.

لكن الكثيرين من الشبان في اريتريا عبروا عن احباطهم من اضطرارهم الى امضاء سنوات في أداء الخدمة الوطنية ليجنوا نحو 20 دولارا شهريا فحسب. بل ان البعض بدأوا يفرون من تلك الدولة المطلة على البحر الاحمر.

ينص اعلان أعقب استقلال اريتريا عن اثيوبيا عام 1991 على أن على جميع الاريتريين ممن هم فوق 18 عاما وأقل من 40 عاما أداء ما بين 12 و18 شهرا من الخدمة العسكرية.

لكن محللين وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الانسان يقولون انه على الصعيد العملي يمكن أن تمدد الخدمة العسكرية لاجل غير مسمى.

ويقول دبلوماسيون ومحللون ان ما يصل الى 25 الف اريتري يرحلون بشكل غير شرعي سنويا ومعظمهم يعبرون الى السودان واثيوبيا ليشقوا طريقهم الى اوروبا او الشرق الاوسط.

ويشير كثيرون الى أنهم يفرون من الخدمة الوطنية. وتفرض اريتريا قيودا على استخراج تأشيرات خروج وجوازات سفر للرجال والنساء المؤهلين للانضمام للخدمة العسكرية ممن هم دون الخمسين والسابعة والاربعين على التوالي.

وتضرب الثقافة العسكرية بجذورها في البلاد التي ولدت من رحم الحرب. ومعظم الناس هنا يعلمون كيف يستخدمون البندقية الكلاشنيكوف.

وخاضت اريتريا حربا ضد جارتها اثيوبيا لمدة 30 عاما قبل الاستقلال. ثم استعر الصراع على حدودهما المشتركة بين عامي 1998 و2000 مما أسفر عن مقتل 70 الف شخص.

تقول اريتريا ان عدم التزام اثيوبيا بحكم أصدرته لجنة مستقلة للحدود عام 2002 يعني أن عليها الابقاء على جيش كبير.

وجاء في مقال على موقع الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة الحاكمة على شبكة الانترنت www.shaebia.org أن “اريتريا مضطرة لامتلاك الجيش الذي تمتلكه الان بسبب التهديد الذي تتعرض له منذ بدء الصراع على الحدود.”

وتتهم جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الانسان الرئيس الاريتري اسياس افورقي وحكومته باستغلال أزمة الحدود لسحق المعارضين وسجن الالاف بزعم ارتكاب جرائم سياسية.

وتنفي الحكومة هذا قائلة انها اتخذت بعض اجراءات الامن المؤقتة التي فرضتها عليها “حالة اللاحرب واللاسلم” مع اديس ابابا.

والنزاع الحدودي المحتدم ليس مجرد قضية سياسية فهو يؤثر ايضا على النمو في اريتريا. ويقول صندوق النقد الدولي ان الازمة ستستمر في الاضرار بالاقتصاد الذي يعتمد على الزراعة الى حد كبير.

وقال صندوق النقد الدولي ان اجمالي الناتج المحلي لاريتريا نما عام 2007 بما يقدر بنسبة 1.3 في المئة بسبب أعمال البناء وتحسن انتاجية المحاصيل بعد أن انكمش الاقتصاد بمقدار واحد في المئة في العام السابق. ويقدر الصندوق أن اقتصاد اريتريا سينمو بمقدار 1.2 في المئة هذا العام.

ويعتقد أن اريتريا غنية بالذهب والمعادن لكن الحقائق الملموسة المعروفة عن اقتصادها الذي يعتمد على تحويل النقد ضئيلة للغاية. غير أنه من المتوقع أن يستحث قطاع التعدين نموا في السنوات القادمة.

لكن شتات اريتريا – الذي ساعد في تمويل حرب الاستقلال ويوجد بالاساس في اوروبا والولايات المتحدة ودول الخليج – ما زال يوفر ما يصل الى ثلث اجمالي الناتج المحلي للبلاد من خلال التحويلات النقدية.

عن محمود محمد جمع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *